اختارت إدارة الدورة 16 لملتقى السينما المغربية بسيدي قاسم أن تعرض في ختام حفل الإفتتاح مساء الخميس 14 ماي الجاري ، بالقاعة الكبرى للبلدية فيلم " وداعا كارمن " (2014) لمخرجه الشاب محمد أمين بنعمراوي ، وهو من النوع الأوتوبيوغرافي ، يحكي من خلاله المخرج عن جانب من سيرته الذاتية عندما كان طفلا في سن العاشرة بإحدى مدن شمال المغرب في منتصف سبعينات القرن الماضي . ولعل أهم عنصر في هذه السيرة الذاتية هو الإحتكاك الأولي لهذا الطفل (المخرج لاحقا) بإحدى القاعات السينمائية الشعبية وانفتاحه على عوالم الفرجة السينمائية وطقوسها بفضل الإسبانية " كارمن " التي كانت تعمل بهذه القاعة .
إن مشاهدة هذا الفيلم تذكرنا بالعصر الذهبي للقاعات السينمائية الشعبية بالمغرب وما كان يعرض فيها من أفلام هندية ومصرية وأمريكية وأروبية وغيرها ، كما توقظ فينا الحنين إلى فترة المراهقة والشباب وتنعش ذكرياتنا مع أفلام لم ننساها أبدا .
لقد لعبت الجارة الإسبانية " كارمن " دورا كبيرا في دفع بطل الفيلم إلى عشق السينما ، كنوع من التعويض عن غياب الأم ، الشيء الذي سيحفزه لاحقا على دراسة السينما ببلجيكا ليصبح بدوره مبدعا للأفلام بعد أن ظل مدمنا لسنوات ولا يزال على مشاهدة الكثير منها .
تكمن إبداعية هذا الفيلم الروائي الطويل الأول لبنعمراوي في قدرة مخرجه ، وبلغة سينمائية جميلة تظهر تمكنه من أدواته التعبيرية ،على سرد حكاية بسيطة تتمحور حول معاناة طفل صغير مع خاله السكير العنيف ، بعد زواج ثان لأمه وسفرها مضطرة للعيش ببلجيكا ، وذلك في سياق تاريخي واجتماعي يحيلنا على أجواء المسيرة الخضراء ، مع انفتاح على عوالم الأطفال في حي شعبي وصراعاتهم اليومية واستحضار لطقوس الفرجة السينمائية الشعبية وما ارتبط بها من ظواهر في السبعينات .
إنه بحق اختيار سينفيلي يحسب لجمعية النادي السينمائي بسيدي قاسم ويذكرنا بروائع سينمائية شاهدناها وناقشناها في إطار برامج الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب على امتداد عقود من الزمان .